تعرف على محمد زكريا ميدو | مشوار لاعب محترف ومدرب ناجح
في عالم كرة القدم، هناك أسماء تترك بصمتها سواء على أرضية الملعب كلاعبين، أو على الخطوط الجانبية كمدربين. محمد زكريا ميدو هو أحد هؤلاء الذين جمعوا بين المهارة الفنية كلاعب محترف، والرؤية الاستراتيجية كمدرب ناجح، ليصنع مسيرة استثنائية جديرة بالتأمل والإعجاب.

من الملاعب المصرية إلى الاحتراف الدولي
بدأت رحلة محمد زكريا ميدو في شوارع محافظة الدقهلية، حيث شغفه بكرة القدم منذ نعومة أظافره. ومن خلال الإرادة والاجتهاد، انضم إلى صفوف نادي المنصورة في أواخر التسعينيات، وهو أحد الأندية العريقة في الكرة المصرية. ما بين عامي 1998 و2001، صعد اسمه كلاعب يتمتع بذكاء تكتيكي ولياقة عالية، ليُلفت الأنظار داخل وخارج النادي.
وبعد رحلة ناجحة مع المنصورة، انتقل إلى نادي كهرباء طلخا من عام 2002 إلى 2006، حيث ساهم في صعود الفريق إلى مستويات تنافسية أفضل، وواصل هناك تطوير قدراته كجناح أو لاعب وسط قادر على صناعة اللعب وقيادة زملائه داخل الميدان.
لكن طموحات محمد زكريا ميدو لم تتوقف عند الحدود المحلية؛ ففي عام 2008، شد الرحال إلى سنغافورة لينضم إلى نادي وودلاندز ويلينغتون، وهناك خاض تجربة احترافية مميزة، حيث واجه فرقًا مختلفة، وتعرف على نمط لعب آسيوي مختلف. لاحقًا، في عام 2010، انتقل إلى الولايات المتحدة للعب مع نادي ميامي إف سي، وهناك زادت خبراته الاحترافية في بيئة رياضية منظمة واحترافية إلى حد بعيد.
التحول من لاعب إلى مدرب: شغف مستمر وتطوير دائم
عقب سنوات من اللعب، لم تكن نهاية المسيرة داخل الملعب تعني توقف الشغف. بل على العكس، رأى ميدو في التدريب وسيلة لمواصلة التأثير، ولكن من موقع مختلف. فحصل على بكالوريوس التربية الرياضية من جامعة المنصورة عام 2002، كما نال رخصة التدريب CAF/AFC “C”، لتكون البداية الرسمية لرحلة التدريب.
وفي سنغافورة، حيث استقر لاحقًا، انطلقت مسيرته التدريبية بشكل واسع، وتدرّج في عدة مناصب شملت:
-
المدرب الرئيسي في كلية United World College، حيث أشرف على فرق متعددة المستويات، وكان له دور كبير في تطوير قدرات الطلبة بدنيًا ونفسيًا.
-
المدير الفني لأكاديمية يورو سوكر، وهناك عمل على بناء مناهج تدريبية حديثة تستند إلى علوم الأداء الرياضي.
-
مدرب كرة القدم في المدرسة الأمريكية (SAS)، وكان جزءًا من فريق تطوير مهارات الأطفال في المرحلة الابتدائية.
-
المدرب الرئيسي في الأكاديمية الدولية لكرة القدم (IFA)، حيث جمع بين العمل الفني والتربوي، ونجح في صنع فرق متكاملة من حيث الجاهزية والانضباط.
فلسفة تدريبية مبنية على العقل والقلب
ما يميز محمد زكريا ميدو كمدرب هو دمجه بين العلم والخبرة، وبين الصرامة والتحفيز. فهو لا يكتفي بتلقين اللاعبين المهارات، بل يؤمن بأن كل لاعب مشروع إنسان ناجح، وبالتالي يركز على الجوانب النفسية والسلوكية، بجانب الجوانب البدنية والفنية.
يرى ميدو أن الانضباط هو أساس أي نجاح رياضي، ويعتبر العمل الجماعي وروح الفريق من الثوابت التي لا يتنازل عنها. ولهذا، فإن بيئة التدريب التي ينشئها دائمًا ما تكون إيجابية، قائمة على الدعم والاحترام والتحدي.
كما يحرص على بناء خطط تدريب فردية لكل لاعب، تُراعي الفروق الفردية، وتُقيم التطور دوريًا عبر أدوات تحليل الأداء الحديثة، مما يجعله قريبًا جدًا من لاعبيه، ويدفعهم نحو تقديم أفضل ما لديهم.
داعم كبير لكرة القدم النسائية
في وقت لا تزال فيه كرة القدم النسائية تواجه تحديات في بعض المجتمعات، كان لمحمد زكريا ميدو رأي مختلف. فقد عمل على تأسيس برامج تدريب خاصة باللاعبات، وساهم في تشجيع الفتيات على الانخراط في الرياضة، وتقديم نموذج مشرف للمدرب الداعم لتكافؤ الفرص. وقد نال احترامًا واسعًا من جهات رياضية عديدة لهذا التوجه الواعي.

مهارات وإنجازات لا تحصى
على مدار سنواته في الملاعب والتدريب، جمع محمد زكريا ميدو العديد من الشهادات التقديرية والبطولات، سواء كلاعب أو كمدرب. لكن ما يفتخر به حقًا، هو قدرته على تغيير حياة اللاعبين نحو الأفضل، ومساهمته في بناء شخصيات قوية، سواء داخل أو خارج المستطيل الأخضر.
يمتلك ميدو مهارات قوية في التواصل والتحليل والتخطيط الاستراتيجي، إضافة إلى القيادة الهادئة التي تجمع بين الحزم والاحترام، مما يجعله محبوبًا من قبل اللاعبين وأولياء الأمور على حد سواء.